المقدّمة

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّکَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ، کَصَلَوَاتِکَ وَبَرَکَاتِکَ وَتَحِیَّاتِکَ عَلَىٰ أَصْفِیَائِکَ إِبْرَاهِیمَ وَآلِ إِبْرَاهِیمَ، وَعَجِّلِ الْفَرَجَ وَالرَّوْحَ وَالنُّصْرَةَ وَالتَّمْکِینَ وَالتَّأْیِیدَ لَهُمْ.
اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنِی مِنْ أَهْلِ التَّوْحِیدِ وَالْإِیمَانِ بِکَ، وَالتَّصْدِیقِ بِرَسُولِکَ، وَالْأَئِمَّةِ الَّذِینَ حَتَمْتَ طَاعَتَهُمْ، مِمَّنْ یَجْرِی ذٰلِکَ بِهِ وَعَلَىٰ یَدَیْهِ، آمِینَ رَبَّ الْعَالَمِینَ.»¹

لا شکّ أنّ منشأ الخلافات فی الإسلام وبین المسلمین هو مسألة خلافة رسول الله صلى الله علیه وآله، وهی مسألة بالغة الأهمیّة، حتى إنّ محمّد بن عبد الکریم الشهرستانی، من علماء أهل السنّة فی القرن السادس، قال:
«أَعْظَمُ خِلَافٍ بَیْنَ الْأُمَّةِ خِلَافُ الْإِمَامَةِ، إِذْ مَا سُلَّ سَیْفٌ فِی الْإِسْلَامِ عَلَىٰ قَاعِدَةٍ دِینِیَّةٍ مِثْلَ مَا سُلَّ عَلَىٰ الْإِمَامَةِ فِی کُلِّ زَمَانٍ.»²

أهل السنّة وإن لم یعتقدوا بالخلافة الإلهیة، لکنّهم - کحال الشیعة - یرون أنّه ینبغی أن یخلف النبی صلى الله علیه وآله أفضل الصحابة. ومن هنا اعتبروا أبا بکر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان، ثمّ أمیر المؤمنین علیه السلام أفضل الصحابة بالترتیب.

وقد ذکر أهل السنّة شروطاً لتولّی الخلافة، مَن تمیّز بها کان أحقّ بالخلافة، کالإیمان، والشجاعة، والعلم، والعدالة، وغیرها.

وبناءً على ذلک، ومع إثبات أفضلیّة الإمام علیّ علیه السلام من کتب وروایات معتبرة لدى أهل السنّة، یمکن إلى حدٍّ ما إنهاء هذا النزاع الطویل، وإثبات حقّانیة مذهب التشیّع.³

وجدیر بالذکر أنّنا فی کتابٍ آخر، وبالاستناد إلى الروایات المعتبرة لدى أهل السنّة، قد بحثنا فی مستوى الشجاعة والعلم والإیمان والعدالة لدى الخلفاء الثلاثة الأوائل، وأثبتنا أنّهم لم یکونوا متمیّزین فی هذه الصفات، بل لم یبلغوا مستوى المسلم العادی فیها، وبدلاً من أن یکونوا حماةً للسنّة والشریعة، سعوا لهدم السنّة النبویّة وأدخلوا الکثیر من البدع فی الدین.⁴

وفی هذا الکتاب الحاضر، ومن باب قاعدة الإلزام⁵، نستند إلى آیات القرآن الکریم والروایات المعتبرة لدى أهل السنّة لإثبات أفضلیّة الإمام علیّ علیه السلام من حیث الشروط المذکورة، وکذلک من حیث المحبّة عند الله ورسوله صلى الله علیه وآله. ونثبت فیه أنّ أمیر المؤمنین علیه السلام هو أشجع الشجعان، وأعلم العلماء، وأتقى المؤمنین، وأعدل العادلین، وأحبّ الأحبّة إلى الله ورسوله.

وفی الختام، نقوم بنقد وتحلیل اثنین من أشهر الأحادیث الموضوعة فی فضائل الخلفاء.

الهوامش:

١. الصحیفة السجادیّة، دعاء ٤٨، الإمام زین العابدین علیه السلام.
٢. الملل والنحل، محمّد بن عبد الکریم الشهرستانی، ج ١، ص ٢٤.
٣. فی کتاب امتداد الرسالة، أُثبتَت الخلافة الإلهیّة لأمیر المؤمنین علیه السلام بالأدلّة من مصادر السنّة.
٤. الخلفاء من زاویة أخرى.
٥. قال ابن حزم الأندلسی (ت. ٥٤٨هـ): «لَا مَعْنَىٰ لِاحْتِجَاجِنَا عَلَیْهِمْ بِرِوَایَاتِنَا، فَهُمْ لَا یُصَدِّقُونَنَا، وَلَا مَعْنَىٰ لِاحْتِجَاجِهِمْ عَلَیْنَا بِرِوَایَاتِهِمْ، فَنَحْنُ لَا نُصَدِّقُهَا، وَإِنَّمَا یَجِبُ أَنْ یَحْتَجَّ الْخُصُومُ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ بِمَا یُصَدِّقُهُ الَّذِی تُقَامُ عَلَیْهِ الْحُجَّةُ بِهِ.» الفصل فی الملل والنحل، ج ٤، ص ٧٨.