الفصل الأول: أفضلیة الخلیفة
الفصل الأول: أفضلیة الخلیفة
تقدُّم الأفضل على المفضول
بناءً على القاعدة العقلیّة فی تقدُّم الأفضل على المفضول، أو ما یُعرف بقُبح تقدیم المفضول على الأفضل، فإنّ خلیفة النبیّ صلى الله علیه وآله والقائم مقامه یجب أن یکون أفضلَ الأمّة.
قال ابن تیمیة الحرّانی: «فَإِنْ قِیلَ قَدْ یَکُونُ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ وَعَلِیٌّ أَفْضَلُ مِنْهُ، قِیلَ: أَوَّلًا هَذَا السُّؤَالُ لَا یُمْکِنُ أَنْ یُورِدَهُ أَحَدٌ مِنَ الْإِمَامِیَّةِ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُمْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَهُنَا مَقَامَانِ: إِمَّا أَنْ یُقَالَ إِنَّ الْأَفْضَلَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ لَکِنْ یَجُوزُ تَوْلِیَةُ الْمَفْضُولِ إِمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا لِلْحَاجَةِ، وَإِمَّا أَنْ یُقَالَ لَیْسَ کُلُّ مَنْ کَانَ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ یَکُونُ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ. وَکِلَاهُمَا مُنْتَفٍ هَاهُنَا... وَأَمَّا الثَّانِی: فَلِأَنَّ النَّبِیَّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، وَکُلُّ مَن کَانَ بِهِ أَشْبَهَ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّنْ لَمْ یَکُنْ کَذَلِکَ. وَالْخِلَافَةُ کَانَتْ خِلَافَةَ نُبُوَّةٍ، لَمْ تَکُنْ مُلْکًا، فَمَنْ خَلَفَ النَّبِیَّ وَقَامَ مَقَامَهُ کَانَ أَشْبَهَ بِهِ، وَمَنْ کَانَ أَشْبَهَ بِهِ کَانَ أَفْضَلَ، فَالَّذِی یَخْلُفُهُ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ غَیْرِهِ، وَالْأَشْبَهُ بِهِ أَفْضَلُ، فَالَّذِی یَخْلُفُهُ أَفْضَلُ»¹
کما اعتبر ابن القیم الجوزیة الأفضلیّة والأعلمیّة بالدین والقرآن من شروط الحاکم، وقال:
«إِنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِإِمْرَةِ الْقَوْمِ وَإِمَامَتِهِمْ أَفْضَلُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ بِکِتَابِ اللَّهِ وَأَفْقَهُهُمْ فِی دِینِهِ»²
وقد وردت روایات عن رسول الله صلى الله علیه وآله بهذا المعنى، أنّ من ولّى المفضولَ مکان الأفضل فقد خان اللهَ ورسولَه وجمیعَ المسلمین.
قال محمد بن الطیّب الباقلانی (المتوفّى ٤٠٣هـ):
«وَقَوْلُهُ: "مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَرَى أَنَّ فِیهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِینَ" فِی أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِمَّا قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَى الْمَعْنَى وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهَا»³
وقد ورد فی القرآن الکریم فی قصّة اختیار طالوت ملکًا على بنی إسرائیل أنّ النبیّ الذی بُعث إلیهم، حین اعترض الناس على اختیار طالوت لعدم امتلاکه المال، أجابهم بأنّ الله اصطفاه علیهم وزاده بسطًة فی العلم والجسم:
«وَقَالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَکُمْ طَالُوتَ مَلِکًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ یَکُونُ لَهُ الْمُلْکُ عَلَیْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْکِ مِنْهُ وَلَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَیْکُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ یُؤْتِی مُلْکَهُ مَن یَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ»⁴
١. منهاج السنة النبویّة، ج٨، ص٢٢٧-٢٢٨.
٢. زاد المعاد، ج٣، ص٦٠١.
٣. تمهید الأوائل وتلخیص الدلائل، ج١، ص٤٧٤.
٤. سورة البقرة، الآیتان ٢٤٦ و٢٤٧.
- ۰۴/۰۴/۱۱