تمهید

فی شتاء سنة ١٣٩١هـ.ش، ومن خلال مطالعة العشرات من الکتب الفارسیة حول موضوع الإمامة والخلافة لأمیر المؤمنین علیه السلام بالاعتماد على مصادر أهل السنّة، تبیّن لی نقصٌ جوهری، وهو أنّ مسألة توثیق الأسانید لم تکن تحظى باهتمامٍ کافٍ، فی حین أنّ ظهور محقّقی الوهابیة فی العقود الأخیرة، کـالشیخ الألبانی، وشعیب الأرناؤوط، والحوینی وغیرهم، أدّى إلى تضعیف کثیر من الأحادیث، حتى فی «الصحاح الستة»، ولم تسلم منها روایات عدیدة، ممّا یدل على أنّ عصر کتبٍ کـ «المرجعات» و«لیالی بیشاور» قد ولّى، وأصبحت الحاجة ماسّة إلى تحدیث هذا النوع من المؤلّفات.

ومن الثغرات الأخرى أنّ الحصول على مصادر الکتب الفارسیة کان صعباً على عامة القرّاء، إذ إنّ تلک الکتب کانت تفتقر إلى نصوص عربیة للمصادر، ممّا جعل التوثیق الفعلی للمطالب أمراً عسیراً. لذلک عزمنا على تألیف کتابٍ یملأ هذین الفراغین المهمّین.

وفی ما یخص توثیق الأسانید وإثبات صحّتها، قمنا بعدّة خطوات مهمّة:

١. جمع آراء علماء ومحقّقی أهل السنّة حول سند الروایات المستدلّ بها.
٢. الاستفادة من التحقیقات السندیّة وأحکام برنامج «جوامع الکلم» الموثوق.¹
٣. عرض جمیع طرق الحدیث الواحد، باعتبار أنّ تعدّد الطرق یقوّی السند.²
٤. إجراء دراسة رجالیّة شاملة ودقیقة، لا سیّما فی المواضع المختلف فیها.

ولأجل تسهیل الوصول إلى المصادر، قمنا بالخطوات التالیة:

١. مطابقة المصادر مع برنامج «الجامع الکبیر» (من تألیف أهل السنّة).
٢. وفی الحالات التی لم یکن فیها المصدر موجوداً فی البرنامج المذکور، قابلنا النصوص مع موقع «مکتبة الشاملة» الرسمی.
٣. وفی حال تعذّر وجود المصدر فی کلا الموقعین، اعتمدنا على النسخة الإلکترونیة بصیغة pdf (عادةً من موقع archive.org)، لکی یتمکّن القارئ، من خلال حاسوبه واتصاله بالإنترنت، من مراجعة صحّة المصادر بنفسه.

وفی الختام، أتقدّم بالشکر والامتنان إلى جمیع من ساهم فی تألیف هذا الکتاب وطباعته، وإلى السادة المحقّقین والأساتذة الأجلّاء فی «مؤسسة الإمام ولیّ العصر عجل الله تعالى فرجه الشریف» برئاسة آیة الله الدکتور السیّد محمد الحسینی القزوینی، الذی شرُفتُ لسنوات بتتلمذ دروسه عبر قناة «الولایة» الفضائیة.

نأمل أن یکون هذا الأثر سبباً فی نیل رضا أهل البیت علیهم السلام، وتعزیز الوحدة بین المسلمین.

حسین قربانی دامنابی

---

### الهوامش

١. هذا البرنامج ثمرة عمل جماعی لثلاثمائة وخمسین محقّقاً من أهل السنّة فی علم الحدیث، واستمرّ لمدّة ثلاثین سنة. من مزایاه: بیان درجة الرواة، أحوالهم، شیوخهم، وتلامذتهم، وتحلیل الأسانید مع الحکم علیها. تولّت وزارة الأوقاف القطریة إنتاجه بالتعاون مع موقع «إسلام ویب» وهو من المواقع المرجعیّة عند الوهابیة. درجة الرواة فیه عادةً ما تُبنى على الحکم النهائی للحافظ ابن حجر العسقلانی فی کتابه «تقریب التهذیب»، وعلى تحقیقات الشیخ شعیب الأرناؤوط والدکتور بشار عواد معروف فی کتابهما «تحریر تقریب التهذیب». ولذلک، اکتفینا غالباً بذکر درجة الرواة کما وردت فی برنامج «جوامع الکلم»، اختصاراً. أمّا الباحثون فلهم الرجوع إلى کتب «تهذیب التهذیب» لابن حجر و«تهذیب الکمال» للمزّی.

٢. قال ابن تیمیة، شیخ الإسلام عند الوهابیة: «تعدُّدُ طُرُقِ الحدیثِ وتَکاثُرُها یُقَوِّی بَعْضُها بَعْضاً حتّى یُحصَلَ العِلمُ بها، ولو کانَ النّاقِلُونَ فُجّاراً فُسّاقاً». *الکتب والرسائل والفتاوى*، ج ١٨، ص ٢٦.
وقال بدر الدین العینی: «قال النووی فی (شرح المهذب): إن الحدیث إذا رُوی من طُرُقٍ ومفرداتُها ضِعافٌ یُحتجُّ به. على أنا نقول: قد شهد لمذهبنا عدّة أحادیث من الصحابة بطرق مختلفة کثیرة، یُقَوِّی بعضها بعضاً، وإن کان کل واحدٍ ضعیفاً». *عمدة القاری*، ج ٣، ص ٣٠٧.